Rechercher

mardi 18 mai 2021

رسالة مفتوحة لجنرال إسرائيلي

حضرة الجنرال المنتشي بأوسمته البراقة

 لدي كمشة أسإلة حارقة ألقيها عليك فهل لك و لو بعض إجابة ؟


الدكتور أحمد بن بنور
فتاة فلسطينية رمز جيل جديد يتسلم المشعل



 

 

 


 

 

 


 

ألم يكن بإمكانكم أن تكونوا أسياد العالم؟ أو لم يكن بإمكانكم أن تكونوا خير داع لخير عزة و خير راع لخير كرامة؟ و لأنكم كذلك، فكيف لا نهُـب ثقالا و خفافا لمصافحتكم. و النهل من محيض شهامتكم؟ أو لستم المؤهلين لهذا؟ فكيف لا وأنتم في مسيرتكم الشاقة، عانيتم فلخَّـصتم ويلات البشرية. ذبحا و سلخا، و شيا و كيا، و محارق إبادة و غرف غاز؟ فكيف لا نُخلص لكم كل الإخلاص، و قد أصبحتم الأوصياء على الكرامة الإنسانية في وجه الخزي؟  كيف لا و أنتم تنهلون من جراح ذاكرتكم، ما يؤجج براكين الغضب في صدوركم، ضد كل ما يخدش مجد الله ونبل الإنسان؟

كل هذا ليس إلا سرابا، عوض هذا المحلوم به، كنا نعيش الكابوس. كنا نرى عساكركم و ظباطكم و جنودكم و أساطيلكم، يتقدمون كالرعب المدجج بقاذفاته، و راجماته، و آليات تدميره و تشريده. كنا نراكم تستولون على حق الغير، و أرض الغير. و بعنجهية لا نظير لها تـتـبولون على مقدسات الغير.. و لأن كل هذا لا يكفى فقد تقدمتم لنسف البيوت و المدارس و المستشفيات. لقتل أطفال يحلمون بالعيد و حلوى العيد... يا للإنجاز الباهريا للبطولات القاهرة.!

الدكتور أحمد بن بنور


كيف إخترتم الانتحار الأخلاقي؟   

فبالله كيف دستم فرصتكم التاريخية بكل هذا الصلف الإجرامي ؟ غداة سقوط المسخ النازي، كنتم تحت كل الأضواء، كنتم ساعتها تسحبون أسمال نجومكم السداسية، و دموع شهاداتكم الموجعة، و صديد جراحكم النازفة. أي كل هذا الذي فجر هذا التعاطف اللامحدود معكم. لكن ما أكبر دهشتنا، و نحن نراكم بين عشية و ضحاها تتحولون من حمائم سلام، إلى أغوال تشرب أراضينا و قُـرانا و بيوتنا أكوابا، أكوابا ! رأيناكم تستأنفون اللعبة النازية و كنا مندهشين متسائلين، كيف للضحية أن تصبح الجلاد؟ و لم يكن لكم من جواب، فقد كنتم مأخوذين بصورة الجلاد و جبروته ! و هل من سبيل للتعبير عن ذلك الإعجاب، إلا سحق شعب ألقيتم به تحت صرير دباباتكم وأزيز ذباب طائراتكم !

فكيف أجهزتم على رأسمالكم الحضاري و الرمزي؟ كيف أجهزتم على ذاكرتكم الأخلاقية؟ تأملوا هذه العمارات تتهاوى على رؤوس أهلها. هل هي عمارات غزاوية حقا أم هي رساميلكم الحضارية؟ و هذا الغبار هل حقا هو غبار أنقاضها أم غبار التعاطف معكم لم يعد إلا حفنة رماد؟

فماذا بقي لكم من تراثكم غير أعمدة الدخان المنبعثة من صدور قصفتم أنفاسها حتى تسرقون مقدساتها؟ كيف أضعتم مُلكا لم تحافظوا عليه كرجال أعزة؟ ماذا يتبقى لكم إلا أن تبكوه بدموع التماسيح المتخبطة في قيح أنانياتها الثوراتية و ما فرخت من قتل وإبادة ؟

متى كان الأموات المقتولين غدرا يكذبون؟

أعرف أن خمرة الغطرسة قد لعبت برؤوسكم، و أن البخور الثوراتية أفقدتكم صوابكم، و أن خرافة هيكل سليمان أثقلت كواهلكم، و أن ذاكرتكم مثقلة بأساطير الأولين و الآخرين من أسلافكم. نعم أعرف هذا، و أعرف أنكم قد تنتصرون اليوم، لكن بالله في حالة هذا النصر المزعوم، دعوني أستنطقكم : ما قيمة نصر تحقق على أشلاء الأطفال؟  أو ليس إلا عقربا في حلقكم  يفرز سمومه  لشل إراداتكم؟ ما قيمة نصر تفتخرون به و أنتم حيتما حللتم و رحلتم، إلا و تصطدمون بالهياكل العظمية لأطفال و نساء و شيوخ ينهضون من قبورهم، يتقدمون صفا صفا، لتذكير العالم بأن أعلامكم و راياتكم  خفاقة بسموم عنصريتكم ؟ قد تقولون إنهم يكذبون، لكن متى كان الأموات المقتولين غدرا يكذبون؟

و إلا فدلوني على مناضل فلسطيني شريف أو عالم عربي كبير ينجو من قتلكم؟ دلوني على دكتاتورية واحدة، دلوني على عشائرية تيوقراطية واحدة لا تجد فيكم المناصر والمساند سلاحا و خبرة و توجيها؟ دلوني على عمل خيري واحد أنجزتموه؟ دلوني على شعب واحد مغلوب على أمره، انطلقتم لنصرته؟ دلوني على ديمقراطية واحدة لا تجد فيكم إلا عدوا بأنياب مسمومة، وأظافر حادة، حتى لكأني بها تهرب منكم هروب الشاة من الذئب؟

يا للهول، ما عبرتم طريقا إلا و جفت أشجاره، ما مررتم عبر حديقة إلا و تهاوت أزهارها، و ذوت ورودها، ما وطأتم أرضا إلا وغاضت أنهارها، ماسبحتم في بحيرة إلا و نشفت مياهها!

إنتصارات من تبن و حطب

أعترف لكم أن استغرابي لا حدود له. و أنا أتأملكم مزهوين بانتصاراتكم الـتِّـبـنـية، إن عُمْي بصركم وبصيرتكم يسجل على جبين الدهر؟ و إن كذبتموني  فتأملوا هذه الصورة، و لكم أن تفركوا أعينكم من الدهشة : تأملوا حالة العرب يوم إحتلالكم أرض فلسطين، هل كانوا شيئا أخر إلا أصفارا تراكمت على أصفار، تحت تظافر الاستعمار و الأمية و الفقر؟ هل كانوا شيئا أخر إلا سيوفا حافية، و خياما مهترئة، و ظلاما تجلى استعمارا، من الخليج للمحيط؟ تأملوا الصورة بعد نصف قرن فقط، تأملوا هذا الفيض الزاخر من التحولات الحضارية، تأملوا هذه النخب لا تدين بالولاء إلا للحداثة. تأملوا هذه الإيديولوجيات العابرة كما أنتم عابرون، تأملوا هذا الربيع العربي لم تخمد ناره إلا ليتحول جمرا تحت الرماد، تأملوا هذا الحضور العربي المكثف في العواصم الغربية، مثقفين وأطباء و مهندسين و علماء، و رجال كما نساء سياسة.

تأملوا بروز المرأة العربية، عبر كل الآفاق، عاصفة تجهز على طلاسم القبيلة. هذه القبيلة التي ليست إلا الخليلة العزيزة على قلوبكم، و المولعة بحبكم، أو ليست تبهجكم برقصة هز البطن؟ أو ليست تحلم بمضاجعتكم بلا حياء في وضح النهار!

إذا كان كل هذا تحقق في عالم العرب، في هذا الظرف الوجيز فماذا عن الغد؟ أو ليست أحلاكم التوسعية أضغاث ترهات؟ و هل تملكون إلا لوبيا متآكلا يساندكم، وتقنية  تـُـصدر لكم لـتـنفخ صدوركم، كأنكم لا تعلمون أن هذه التقنية طوع بنان خصومكم، أو ليس التفاوت مردوما في حينه؟ هل يتبقى لكم ساعتها إلا أوسمتكم البراقة وقد أصبحت ساعتها بطيخا أصفرا يركب أنوف المهرجين الذين أصبحتم؟

الدكتور أحمد بن بنور
الأمل الفلسطيني المشرق والمزعج

كيف ضاعت إرادتكم بين خرابكم و أوهامكم ؟

أو ليس عجزكم و جبنكم تسير به الركبان؟ هل علمتم أن هذا الخراب و هذا الدمار ليس دليل قوة و لكنه دليل جبن و خوف. أو لستم عاجزون حتى عن تأسيس حكومة إرادة وطنية ؟ كيف لا و إرادتكم الوطنية إفترستها خفافيش التطرف الأعمى و الحقد الأبغض؟

لكن بالله، كيف تكون لكم إرادة و قد أضعتموها بين الأطلال و الأنقاض؟ كيف تكون لكم إرادة و أنتم غارقون حتى ذقونكم في مستنقعات الأشلاء و الدماء؟  كيف تكون لكم إرادة و أنتم تقـبلون أطفالكم و لا تعرفون كيف تجيبون عن إسإلتهم البريئة : "أي مستقبل تحضرونه لنا و أنتم تمزقون أطفالا هم أشقاء لنا، أو لا يتقاسمون معنا نفس البراءة؟". قد تشتكون فتقولون : "ما حيلتنا؟ حلمنا بأنفسنا عمالقة بقامات تطاول عنان السماء، فاكتشفنا أنفسنا أقزاما بقامات الأطفال، فكيف لا نقـتـل الأطفال ؟".

حاشا لله أن تكونوا يهودا

إنى لست وحدي الصارخ هنا بهذه الحقائق المرة. و لكنهم اليهود أيضا من أبناء جلدتكم، و لكنهم اليهود الكرام، أهل الضمائر الحرة، هؤلاء الذين يصدحون بقول الحق،  و التنديد بهذه الغطرسة و التبرؤ من هذا الفصل العنصري المقيت. إنهم هم أنفسهم اليهود الذين يمدون أياديهم النبيلة لمصافحة أشقاءهم العرب، مسلمين و مسيحيين، هؤلاء هم الذين يحضرون معنا لبناء الدولة الديمقراطية بأعلام يهودية و إسلامية و مسيحية.

و حتى ذلك اليوم المشرق، نقول لكم حاشا لله يا حضرات الصهاينة، أن تكونوا يهودا، فاليهود على مر التاريخ، أغنوا الإنسانية بعطاءات ساهمت في تحرير الإنسانية من ثـقل السماء و ظلمات الأرض. هؤلاء اليهود هم الذين نلجأ إليهم، لتجاوز هذا المسخ الذي لا هو ذاته، و لا هو الآخر، و لكنه مزيج إيديولوجيات منحطة، وأنانيات ثوراتية متفسخة، و مع هذا طموحات جهل عميق و شره عميق للثروة و السيادة... أو ليس هذا الخلط الكيميائي، هو الذى يعطي هذه الانفجارات الإجرامية في الأحياء الآمنة؟ فكيف لم تكتشفوا بعد أن قنابلكم وصواريخكم وطيران مقاتلاتكم، ليس إلا المداد الذي تغطس فيه الإرادات و الأقلام المنتفضة، ما تسطره في كل الصحف، و كل الخواطر شُهب نور في وجه ظلام تطهيركم العرقي المقيت؟

الدكتور أحمد بن بنور
هل المقلاع إلا رمز إقلاع

المعجزة الإسرائلية والكذبة الإبريلية

بالله ماذا كسبتم؟ ماذا جنيتم؟ نعم لقد حققتم هذه المعجزة، و كيف لا وأنتم في أرض المعجزات. معجزة أن تجعلوا أي عربي في العالم يكتشف قُـدسه، و ما لحق بأرضه المقدسة من تلوث. و أكثر من هذا، جعلتم من القضية الفلسطينية، قضية الإنسانية بامتياز، و قضية كل المعذبين في الأرض بامتياز. فكيف تستغربون هذه المظاهرات عبر أرجاء المعمور، ألسنة لهب تحرق هذا الزيف، و هذا التواطؤ الجبان.

سوف تتحدث الأجيال الحالية و القادمة عن كمشة طموحات ثوراتية، ارتكزت على كذبة إبريلية، شيدت دولة ذات صباح، لكنها مساء وجدت نفسها تائهة في صحراء سيناء. سوف تتحدث الأجيال القادمة، عن رجل كان غنيا كل الغنى، لكنه ذات صباح وجد نفسه فقيرا كل الفقر. هرع الناس يسألونه ما الخبر؟ فأجاب و هو يتلوى من الغيض و الندم : كنت تاجر رمال لكن عاصفة أفلستني!!

أتحداكم يا أهل إسرائيل، أن تغتالوا نَـفَـس التحررفي أرواح الفلسطينين الأشراف. أتحداكم أن تمنعوا بزوغ الفجر في ربوعنا العربية. أتحداكم أن تخنقوا صيحات الإنسانية المتأوهة ضُـرا مما لحقها من قذارات عنصريتكم. أتحداكم أن تسقطوا بيت شعر واحد من "معلقات" محمود درويش على أسوار القدس و أبواب الأقصى!