Rechercher

mercredi 13 juin 2012

إنه الجزائري يامغاربة فجوعوه واقتلوه

تناقلت صحافتنا المغربية فى غياب أدنى اهتمام, هذا الخبر المهمل جنبا لجنب مع أخبار الكلاب الظالة, ويقول بأن مواطنا جزائريا معتقل فى بلادنا ومحكوم بعشرين عاما حبسا نافذا, قد توفى بعد إضراب عن الطعام دام سبعين يوما .

صحيفة أخرى ذكرت أن المواطن المذكور ينتمى لخلية سلفية إرهابية, وأنه كان متهما بمحاولة تفجير السفارة الجزائرية فى الرباط . صحيفة أخرى ذكرت عكس هذا قولا أنه متهم بإطلاق النارعلى القنصلية الجزائرية فى وجدة ...

هذا ماتقوله صحافتنا العتيدة, ولا تقول شيئا آخر, لا لأنها لا تعلم شيئا آخر ولكن لأن الخبر لا يستحق أدنى اهتمام, وهكذا فإننا لا نعلم شيئا عن إسم الرجل ولا عنوانه ولا انتماءاته, ولا كيف القى به حظه التعيس بهذه البلاد التى تجرع فيها كأس المنون وكؤوسا أخرى... الله وحده يعلم بأي ثمالات كانت طافحة ...

إنه الإستبداد المقيت والعدالة الأمقت

 وتتناسل الأسئلة هي الأخرى طافحة بكل المرارات التى يجرعنا إياها الإستبداد المقيت, وعدالته الأمقت, وبوليسه الأكثر مقتا ..
هل يعقل أن نحكم على رجل بعشرين عاما سجنا نافذا لأنه كان يملك نية تفجير السفارة ؟ أو لأنه أطلق النار على قنصلية ؟
 ثم حتى لو فرضنا أن الأمر كذلك, فإنه لم يحصل هناك من تفجير لا ولم يكن هناك من ضحايا, فكيف نبرر والحالة هذه هذه السنوات الثقيلة فى غيابات الجب لجريمة كانت مجرد نية وتخطيط ؟

إن القارئ ليس بحاجة للكثير من النباهة حتى يتبين له الخيط الأبيض من الاسود فى هذا الظلام , ويكتشف أن كل هذا ليس إلا نسيجا بوليسيا مخزنيا يفقأ العين بحسه الإنبطاحي, حتى يؤكد أنه فى الواجهة خوضا لهذه الحرب الضروس, ضد ذلك الإرهاب الذى أصبح البردعة تعتلى ظهرها كل العقارب عبورا نحو ضفاف أسيادها واستيهاماتها ..
لنتصور لحظة المسلسل الذى أفضى بهذا الرجل لهذا المصير المأساوى ..

رجل" النيف" فى مستنقع اللئام....

الذين عاشروا أو تعرفوا عن قرب على أشقائنا الجزائريين يعلمون يقينا ذلك التشبت العميق بالذى يسمونه '' النيف", أي الأنفة والعزة, ولنا أن نتصور لحظة رجلا من هذا الصنف وجد نفسه أمام نظام بوليسي يحبو غرائزا وأنيابا ؟ أو ليس الجزائري الممقوت, ذلك الذى اخترع البوليزاريو وفجر حرب الرمال وأقفل الحدود ... وغير هذا من الجرائم المنكرة التى كانت شر الأسباب فى انحطاط الإمبراطورية الشريفة  وترديها الحضاري ....

ولنا لحظة أن نتصور رد فعل الإنسان الجزائري أمام سيل الإهانات, إنه وهو المشتعل غضبا أمام أدنى مساس بكرامته لا يلبث أن ينفجر فى وجه من يخدشون عزته, فماذا عمن يريدون دوسه تحت جزماتهم القذرة؟  إن لسانه آخر ماتبقى من سلاح يدافع به عن عزته , وإذا فإنه يستعمله بلا أدنى حرج سهاما مشتعلة ترد الجيف النتنة التى ترجم بها كرامته ..

وكان على الرجل أن يدفع الثمن المهول.. دوسا .. وتهميشا وتمزيقا .. حتى آخر نفس .. حتى لم يعد إلا خرقة دامية .. وكان عليه ساعتها بأصبع لم يعد له .. ولا فى يده .. إلا التوقيع على محضر الجريمة المنسوبة له .. أي تلك التى لم يرتكب .. أي تلك المرتكبة فى حقه ...

ثم بعد هذا أخذوه أمام القاضى الذى لم يكلف نفسه حتى عناء استنطاقه .. وكيف؟ أليس جزائريا وسلفيا وإرهابيا؟ فكيف يسأله إذا عن ظروف اعتقاله واعترافاته وعن انتماءاته؟ ولا عن حقيقة هذه التهمة البليدة تهمة نية تفجير السفارة؟ ولا كيف قادته خطاه التعيسة إلى هذا المستنقع بهذه التماسيح التى نهشته دما وروحا ولحما وأعصابا تم جاءت به مضغة لرحاب هذه المحكمة الذئابية؟

القاضي ليس بحاجة لإضاعة وقته الثمين فى الإستماع لدفاع لا وجود له .. وحجج باطلة أصلا .. فالحجة البوليسية المخزنية هي الأسطع والأنجع .. يضاف إلى هذا أن هناك قضايا أخرىبملفات من ذهب .. وإذا فعشرين عاما حبسا نافذا لهذا الجزائري الذى اقتحم مدينتنا الفاضلة ليعيت فيها فسادا وخرابا ...
    
بالعز... اسقنى كأس الحنظل ....
ووجد السجين نفسه فى زنزانته الباردة مع صراصيره وفئرانه .. واكتشف رجل " النيف" أنه لم يعد له من سلاح فى وجه " اشمايت" إلا رفض هذا الطعام المتسخ الذى يقدمونه له فى طبق متسخ بعد أن بصقوا وربما تبولوا فيه ... نعم بعزة الإنسان الجزائري بشهامة الإنسان الجزائري.. ركل الطبق المتسخ صارخا ..
لا تسقنى كأس الماء بذلة بل فاسقنى بالعز كأس الحنظل ..
وشرب السجين كأس الحنظل .. كأس المنون .. حتى آخر قطرة حتى الثمالة ...

لكنى أنا الذى أوقع هذا المقالة أقول لكم ..."أتحداكم أيها الجلادون أن لا تخجلوا يوما أمام أسئلة أطفالكم عن هذا الرجل الذى قتلتموه جوعا ودوسا... أتحداكم أن لا تحسوا أسئلة ضميركم أشواكا فى مضاجعكم ... أتحداكم وأتحداكم ......"
                                      الدكتور أحمد بن بنور  

vendredi 8 juin 2012

عامان حبسا نافذا لامرأة صرخت: واملكاه


عامان سجنا نافذا لامرأة تقدمت نحو الموكب الملكي، لا لإلقاء قنبلة، ولا للتفوه بشعار، كلا لقد فعلت للمطالبة بحق ، لتشتكي من ظلم.

 ولكن ماذا لو نقلنا الخبر كما جاء فى " الصباح"  :
"أدانت غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بمدينة خريبكة امرأة كانت متابعة في حالة اعتقال بسنتين حبسا نافذا بعد عرقلتها الموكب الملكي أثناء الزيارة الملكية الأخيرة للمدينة ... وأبدت المتهمة ندما كبيرا على فعلتها خلال وقوفها بقفص الإتهام موضحة أن حبها لجلالة الملك دفعها لاعتراض الموكب الملكي لتطلب تدخلا ملكيا ينصفها  في قضية تتعلق بحقها في النفقة بعد طلاقها وهي أم لطفلة صغيرة"
 
 
ألا ترون معي أن هذه المرأة  متخفية في ثوب مجرمة خطيرة، وأن العدالة كانت رحيمة بها فلم تحكم عليها إلا بسنتين، في حين أن جزاءها لم يكن أقل من الشنق حتى الموت، فتكون عبرة لكل من تسول له نفسه غواية "عرقلة " ذاك الموكب .
 
 
 وماذا عن كل هذه المواكب المعطلة...؟
كيف لا نملك ذرة شهامة فتنتفض في أرواحنا وصدورنا أمواج الغضب، ضد هذه الممارسات القروسطية التي تبلغ بها ظلاميتها أن تسحق امرأة عزلاء إلا من شكاية بيدها، امرأة لا تملك إلا رسالة بيضاء أمام موكب مدجج بدراجاته النارية، ومروحياته وسيارته الفارهة المصفحة، وحراسه الشداد الغلاظ ، وجنوده الشاهرين أنيابهم وبنادقهم ؟؟


لو كان القاضي يملك ذرة نزاهة، لكان وقد وقفت أمامه هذه المرأة في قفص الاتهام، فما أن اطلع على قضيتها حتى انتفض واقفا كمن لدغته أفعى صارخا مولولا:  " ويحكم... أطلقوا سراح هذه السيدة توا، فالذين يستحقون الاعتقال هم هؤلاء الذين سلبوها حقها ووضعوا القيد في معصمها...  "

هذه المرأة اتهمت ب "عرقلة الموكب الملكي"، وقد تكون جعلته يتوقف دقيقة أو نصف الدقيقة، لكن ماذا عن الكمين تلو الآخر أمام موكب حقوق الإنسان منذ نصف قرن ولا يزال ؟
ماذا عن دوس موكب تحرير إرادة الأمة المقيدة بألف قيد في معصمها وفى دمها وفى ثقافتها وفى ثقتها بقدراتها ؟
وماذا عن تعطيل موكب الإصلاح مؤسساتيا وإداريا وقضائيا وتعليما وما لا أعرف دهرا بأكمله ...؟؟؟
وماذا عن تهميش موكب كرامة الأمة المداسة اغتصابا وقهرا واحتكارا وذلا وبهدلة منذ فجر التاريخ المصادر ؟
كل المواكب تم إعطابها، وأحيانا نسفها ومعها أشراف رجالاتها، حتى لم يبق من موكب إلا ذاك الموكب، وحده الآمر، وحده الحاكم، وحده يشق طريقه ويشق الأيادي والألسن، الأيادي لأنها عوض التصفيق تتجرأ على رفع شكاية، والألسن عوض إطلاق زغرودة الاحتفاء بفقرها تتجرأ فتعبر وتنتقد .

 كلاهما في السجن .. الأم خلف الأسوار والطفلة خارجها...
" سنتان حبسا نافذا لمتهمة بعرقلة الموكب الملكي " هكذا جاء عنوان الخبر في " الصباح " المعروفة بمخزنيتها ألانبطاحية في حين أن مضمون الخبر كان يحتم صياغته كالتالي: " سنتان حبسا نافذا لامرأة استنجدت بالملك " وشتان بين العنوانين فالعنوان الأول بوليسي محض. فكيف يتبناه صحافي يحترم نفسه أي مسلحا بالحد الأدنى من الموضوعية المهنية الإعلامية ؟
  
لقد نبهت  طلبتي دائما إلى أن صياغة الخبر قد تتضمن تواطؤا واعيا أولا واعي مع الباطل ، لكن أو ليس التواطؤ نشر هذا الخبر في زاوية " القطط المداسة" ؟ أو ليس اغتصاب حرية امرأة يستحق الفضاء الأهم ، سردا بكل موضوعية ؟ تم تعليقا يندد بهذا الكيل لا أقول بمكيالين، ولكن بهراوتين، الواحدة على رأس الأم، والأخرى على رأس طفلة تلعب بالعرائس ؟

ثم أليس من حقنا السؤال الموجع: هذه المرأة كيف تعاقب شر العقاب في حين أن الذين يعيثون خرابا وفسادا يسرحون ويمرحون ولا أحد يشير لهم فهم الأكابر المنزهون...؟
هذه المرأة البريئة تحاكم ؟ و لصوص المال العام لا يحاكمون وإن حوكموا فالمحاكمة ليست إلا مسرحية هزلية يتم فيها تبادل الأدوار في حبكة درامية رديئة حد إثارة السخرية..؟
هؤلاء لا يحاكمون، لكن المرأة المسكينة التي ضاقت بها السبل ولم يتبق لها من باب إلا ذلك الباب فطرقته طرقا ساذجا.. فإذا به يفتح ليغلق بعنف عليها ... وعلى حقها ... وعلى أصابع طفلتها ... وليلقى بهما معا أشلاء مبعثرة  في السجن ... الأم خلف القضبان... والطفلة أمام القضبان ... لكنهما معا بقضبان في الروح والأحشاء...

هل هي امرأة أم الأمة ؟
 ثم هل يعقل أن نروي هذا الخبر دون أن نجشئ أنفسنا عناء ذكر إسم هذه السيدة ؟ مادامت لم تعد هناك من قرينة براءة، ومادامت محاكمة ومعتقلة ؟ ألا تستحق أن نسميها ؟ أم أنها ليست إلا حشرة لا تستحق إلا دوسا وسحقا وإن لا فركلا وصفعا قبل أن تلقى كخرقة متسخة في ركن الزنزانة ...؟

هذه المرأة إذا ولأنها كذلك فهي لا إسم لها، إنها رمز لهذه الأمة المغربية العاثرة الحظ هذه الأمة التي بهذه الحادثة تكون قد استنفذت كل وسائل اللجوء ، حتى لم يعد هناك من ولي ولا نصير، لم يعد هناك إلا هذه العنجهية المطلقة تطوي في غياهبها كل الأحلام  وكل الطموحات ...

إنهم إذا يتربصون بنا نحن الذين نعشق النور والحرية والعدالة... ونغضب سخطا وسعارا أمام النذالة... إن مناجلهم الصدئة ترمقنا ولعابها يسيل في انتظار الإجهاز على أنفاس حريتنا وحصد أعناقنا .. إننا نحبس أنفاسنا هذه متسائلين: يا إلهي لمن تقرع الأجراس....؟؟؟؟؟
 
                                         

الدكتور أحمد بن بنور