إنهن النساء قادمات .. إنهن يطرقن
أبواب الأمل بقبضاتهن المضرجة بقيود صدئة أدمت معاصمهن.. نعم إنهن دائما طرقن الأبواب..
لكن الفرق هائل.. حتى الأمس القريب لم يكن هناك من مجيب .. بل ولا أدنى صدى..
الأمر يختلف اليوم، إن وقع الطرق يتردد مطارق عبر الآفاق .. إن التاريخ يتمتم وقد
تشعبت الطرق أمامه .. لكن ما الحيلة ولم يعد هناك من طريق إلا طريق " المرأة
مستقبل الرجل " .. حيت هذا الرفيق يضع يده في يد رفيقة الدرب .. حتى يتحول
الدرب من دروب مسخ الهوية .. إلى دروب الحب تشييدا .. والحب مساواة .. والحب حقوق
إنسان أي إنسان .. كائنا ما كان جنسه أو لونه أو عرقه.
النساء اليوم قادمات بأناشيدهن.. بباقات الطموح
في راحتهن .. إنهن اليوم يعلمن أن زمن القهر راحل .. وأن صخور التقاليد فوق
أكتافهن تتزحزح .. إنهن يعلمن أنهن اليوم في قلب الزوبعة زوبعة الحق والحقوق
والمواطنة .. وأن الأبواب الموصدة إن لم تفتح فإنهن قادرات على انتشال الألغام من
قفار اليأس لنسف السدود تخطيا نحو الخلاص الكبير..
نعم
النساء قادمات .. ألا تروا معي ركائز الخيمة تهتز.. ومعها شوارب الفحولة المتدثرة بطلاسم
تعاويذها العتيقة .. ألا تروا معي أقفال السجن وسوط السجان تخطو مترنحة نحو متاحف الأمة...
بأم عينى رأيت امرأة تداس رفسا وركلا
...
أقسم
لكم وبأم عيني، رأيت منذ عام، وبالضبط في ساحة الحمام بالبيضاء، رأيت امرأة تداس
ركلا ورفسا من أحد شماكرية البوليس، تم رأيت أخرى تتلقى لكمة على وجهها ، يومها تملكني
إحساس بالسخط والغضب، ولكن تملكني إحساس أكبر بأن النساء قادمات، وأنهن المعادلة
الأصعب في إستراتيجية القهر ألمخزني، لأنهن يحملن تباشير الربيع، لأنهن يجسدن
الجمال في وجه القبح، وإذا فإنهن تجسيدا للعدالة والمساواة وانسجام الكون. تم متى كانت أقدام "اشمايت" تسحق الزهرة
وبذورها لا تكاد تلمس الأرض حتى تعانق التربة إخصابا يتفتق ربيعا يتحدى كل الأجلاف
و سياط كل الجبناء....
نعم ليس هناك أجلاف اشماكرية، وزبانية المخزن
وكفى، كلا هناك أذناب السلطة من فقهاء السوء، الذين لا يقلون خطورة والذين يتقدمهم
أحد المشعوذين الذي سبق إرضاء لولي نعمته أن شتم الشهيد الخالد المهدي بنبركة. إنه
المهرج نفسه الذي دفاعا عن" الكريما"،يضطلع اليوم بدور جديد، خدمة لمولاه
المطاع، إنه يخرج من تحت عمامته المتسخة قنبلة مسيلة للضحك، يطلقها في كل حارة في
كل بيت في كل شارع، حتى ينتشر هذا الدخان الكثيف وهذه الغشاوة فتحجب النور عن
الأمة، ليصبح همها البحث عن عكاز تهتدي به وسط هذا الدخان، فبالأحرى التفكير في
ويلاتها وترديها الحضاري وقهرها وبؤسها ونهب خيراتها ومستقبلها المداس وماضيها
المقفل عليه بأختام الأحبار في أرشيفات الوديان المنسية ...
السياسة تغادر الكهوف المخزنية ...
نعم إن الفتوى الزمزمية تهدف إلهاء الأمة
وتحويل اهتمامها عن ربيعها المتفتق، حيث أحلامها ومطامحها وحقها في الخروج من عهد
الحجر والوصاية إلى امتلاك زمام أمورها ... أو لسنا نرى السياسة لأول مرة في
تاريخنا البائس تغادر كهوفها المخزنية ، حيت تذبح إرادة الأمة، نحو الفضاء العام،
حيت الفتيان والفتيات ينتشلون الكلمة من أصفاد البوليس، ويخطبون ويعبرون وينتقدون
وأكثر من هذا يقرئون أشعارهم التي بها ينسجون من الحلم .. من الفجر.. رداء جديدا للأمة،
خارج أسمال الذل كما حاكتها التعاليم الرصاصية الفقهية المنافقة.
البعد الثاني في فتوى الزمزمي يكمن في كونه
تعبير عن رد فعل الثقافة التقليدية المتحكمة في النفوس والألسنة والأدمغة. إن
النساء القادمات كارثة مدمرة لامتيازاتها. إن المرأة بالتأكيد هي حجر الزاوية في المنظومة
المخزنية المنحطة، إنها موجودة بقوة كحلقة تواصل وتقاطع الدم، إنها تضمن سريان
النخب بمصاهرات المال والأعمال في تلك الدائرة الإمتيازية المغلقة، ولكنها الضامنة
أيضا لإعادة إنتاج نفس المنظومة التراتبية بنفس السادة الحاكمين اقتصاديا ورمزيا
وسياسيا ونفس جيش العبيد الممتد على مد البصر فقرا واستغلالا وقهرا وأمية. المرأة
موجودة إذا كسلعة للمقايضة ومرجعية قيم، ولكن لا وجود لها كإرادة وشخصية، لاوجود
لها كتعبير واستقلالية رأي ومبادرة خلق..
إن
وعي المرأة بحق المرأة ينذر بشر العواقب،إنه يعنى أن هذه المرأة لم تعد سلعة
للمقايضة ولكنها تملك حقها في جسدها. وهنا الطامة الكبرى إذ كيف يعاد إنتاج
المنظومة الاجتماعية والرمزية؟
ترى كيف الخروج من هذه الورطة ؟
ولأن هذه الثقافة التقليدية عاجزة عن أدنى حس
إجتهادى، فإنها تتحرك في إطار المفاهيم العتيقة سكرى بنفس العصير، ونفس الخمرة
لنفس المداد الأصفر واجترارا لنفس الأوراق الصفراء لتفسير إرادة النساء واحتجاج
النساء ومطالب النساء . كل هذا الذي لا يعدو أن يكون إلا رغبة شيطانية في الإنجراف
نحو الرذيلة والزنى ... يا للفضيحة . ترى ما العمل؟ أو لم يقل أسلافنا بأن "
الأنثى لا تقنع من الذكر كما الأرض لا تقنع من المطر" ؟ الحل لمجابهة هذه
المعضلة العظمى هو السماح للملعونات اتقاء لشرهن بممارسة الزنى الحلال ، أي
استعمال ما خف وقعه وزاد أجره ، أكان جزرة أم لفتة أم المهراس يدا وإن لا فذراعا
فالضرورات تبيح المحظورات ....
أعترف لكم أنى ما قرأت ترهات منحطة كهذه ..
ترهات تتسربل بقفطان الفتوى حتى تهين النساء وتختزل عزتهن وشخصيتهن في ما تراه
غرائز حميميتهن ..
الأستاذ الزايدى ينشد الفتوى
البوتشيشية التوفيقية
جاء
في صحافتنا أن الأستاذ أحمد الزايدى رئيس الفريق الإشتراكي في البرلمان الراشي
المرشي، قد تقدم في عز الزوبعة الزمزمية مع رفاقه بسؤال لوزير الأوقاف يستنطقه عن فوضى
الفتاوى بالإمبراطورية السعيدة ...
وكم بودي
أن أقول للأستاذ المحترم هل تعطلت لغة الإبداع النضالى والثقافى عندنا؟ وإذا كيف تستنجد حضرة النائب الكريم بالسحر
هروبا من الساحر؟ فبالله ما جدوى استنطاق هذا البوتشيشي وهو الغارق في جذبته بين
عيساوة وهداوة ؟ كيف ينجذنا هذا الأبكم وهو الضائع مضبوعا بين بخور زاويته وحلقات مفترسي
العتاريس .. وأكاذيب البوجاديين الذين بشرونا
بنور الله حتى يتسنى لهم نشر العتمة وإطفاء كل الفوانيس......
الدكتور أحمد بن بنور