إذا الليل أضوانى بسطت يد الهوى وأدللت دمعا من خلائقه الكبر . هذا ما يقوله أحد كبار شعراء العربية, معبرا عن هذه الحقيقة الصارخة حقيقة أن الرجال الأحرار لا يبكون, لكنهم ينهارون, يجهشون بكاء فى تلك اللحظة المرة التي يعانقون فيها الجروح الغائرة لأمتهم, جروح القهر, جروح الذلة, جروح الهوان. أي كل تلك الآفات التي حفرها الاستبداد المقيت ندوبا وقيحا في جبين وذاكرة وجسد الأمة
عندما اعتلى منصف المرزوقى منبر الأمة, ليقول كلمة الأمة, كانت نبرة الصدق ونبرة العزة في خطابه تخرسنا, حتى كأن الطير بل كل الطيور تجمعت فوق رؤوسنا. وعندما أجهش الرجل بكاء, وجدنا أنفسنا نكفكف دموعنا , لأنه كان حقا يتكلم عن تونس, وهوان تونس في ظل الاستبداد, لكننا كنا نراه يتكلم عنا عن مغربنا !! عندما يقول : " لم نعد نهرب لبلادنا من جور ما يلحقنا خارجها بل أصبحنا نهرب من بلادنا من هول ما يهددنا في أحضانها
من قال أن هذا لا ينطبق على المغرب ؟ أو ليس الخارج ضمانة أمن واستقرار وطمأنينة, فى حين أن بلادنا ليست إلا فضاء تهميش وفقر وإقصاء فى حق كل من تسول له نفسه التعبير عن رأي حر, أو المطالبة بحق, أو الرغبة فى استقلالية, خارج فانطازيات المخزن بسموم خيولها, وبارود بنادقها الصدئة
يقول السيد الرئيس منصف المرزوقى :" العديد من شباب بلادنا انتهوا أجسادا متعفنة ملقى بها فى الشواطئ الأوروبية". ألا ينطبق هذا على الشباب المغربي الذي ابتدع هذا التعبير
المدهش " الحريك" بمعنى:" أحرق كل ما يمت لعالم القهر والفقر بصلة, والق بنفسك فى اليم فإما حياة كريمة فى الضفة الأخرى, وإما قبر فى أحشاء القرش.! فالقرش الأقبح هو القرش البشري الحاكم, الذي يلتهم الكرامة والحرية ومعهما الزرع والضرع
يقول الرئيس : " طغى الفساد وتجبر حتى التهم كل شيئ حتى أصبح كل شيئ فى خدمة الفساد وأصبحت المؤسسات فى خدمة الفساد وأصبح هم النظام صيانة الفساد فهو عماده وركيزته بل وأكتر من هذا أصبح الفساد هراوة النظام تقصم ظهر كل من تجرأ على المطالبة بحق أو المندد بمظلمة" .هل السيد الرئيس كان يتحدث عن تونس بن علي أم عن مخزن هذا المغرب البائس حيت الفساد مفتاح "سمسم" والوطن مغارة على بابا .؟ لا أريد أن أواصل فكلنا حقا فى الهم عرب! كلنا فى الإستبداد مغارب ومشارق: سيان
ولكن جبهة الإستبداد بدأت تتفتت: تونس كما ليبيا كما مصر اندرجت في مسلسل الدمقرطة بمده وجزره. ولكنه المسلسل شلالا يشق طريقه بقوة الإرادة, إرادة الأمة . لكن ماذا عن الضيعة أو الفيرمة التي نسميها المغرب ؟ فى الوقت الذى كان فيه سيادة الرئيس المرزوقى يلقى خطبته مؤكدا دخول بلاده الزمن الديمقراطي الحاسم, كانت بلادنا تواصل تخبطها فى الزمن المتعفن, وكان الوزير الأول بنكيران منهمكا فى ترقيع رداء ما يسمى بالحكومة القادمة, وما أكتر ما كان الخرق يتسع على الرقاع ! نعم وبكل تأكيد ستنبثق الحكومة من هذه الرقع وستكون كما قال شاعرنا : فجاءتني كثوب ضم سبعين رقعة مشكلة الألوان مختلفات. إنهم الشيوعيون مع العداليون فى رقصة تشمئز منها الأمة. إنهم اللبراليون مع المحافظين مع البوجاديين فى نكثة سمجة. إنهم الحركيون والدستوريون وأشتات الشوريين وبقايا الإستقلاليين وفتات الإشتراكيين فى قهقهة مخلة بالحياء. و
باختصار إنه خليط عجيب لا يكاد يجمعه إلا الولاء للمصلحة والكسب. وإذا فالولاء كل الولاء تسبيحا وحمدا وتمجيدا لصاحب الأفضال: السيد المخزن دام له النصر والسؤدد. بقي القول أن الرقعة كما الترقيع فى ثقافتنا العربية, كما فى كل الثقافات سمة خصاصة وفقر, ولكن الأمر قد يكون غير ذلك فى بيئتنا المغربية فالمعلوم أن الطقوس الضرائحية الزوائية كما ورثناها سكلوجيا , وكما كانت تمارس عند المريدين والشيوخ على حد سواء, كانت تعتبر المرقع والترقيع دليل تواضع وزهد تقربا لله, ورفض للأناقة الدنيوية, ومعها متاع ومتع الدنيا التى ليست شيئا أخر إلا " وسخ الدنيا"هل بنكيران وهو يلبس المرقع إنما يفعل إخلاصا لتلك البيأة العشائرية الحارة بطقوسها وجذبتها وأوردتها ؟ نعم ذلك من حقه وهو" العدالي التنموي"
ولكن ألا يرى معى أن كل هذا لا يعطى كأس ماء لكل هؤلاء الظمآنين فى هذه الصحراء القاحلة ؟ تم ألا يرى معي أنه بلباسه المرقع هذا إنما يستفز الأمة! لأنه يذكر بأهل الحل والعقد الذين يرفلون فى الحرير المطرز بالزمرد والياقوت تبخترا فى قصور يعلم الجميع أنها شيدت وتشيد من كل هذا الجوع المترامي الأطراف